ويْكِ يا عينُ فنوحي جَزَعا *** لشبابٍ كلَّ قلْبٍ صَدَعا
مُقْلةُ الدِّينِ لهُ ابيَضَّتْ أسىً *** وبهِ احدودبَ حتَّى وقعا
وعليهِ المصطفى والمرتضى *** قدْ أقاما مأتمَ النَّعْيِ معا
وبكتْ فاطمُ فالبابُ على *** ضلعِها التَّاسعِ ها قدْ دُفِعا
ذا تقَيُّ الآلِ يا لهفي لهُ *** كَبْدُهُ بالسُّمِ صارتْ قِطعا
"أُمُّ قتلٍ" ليسَ فضلٍ غَدَرتْ *** بأبِي الجودِ فلاقى المصْرعا
بابَ بابِ اللهِ حقداً غَلَّقتْ *** فغدا فرْداً يُقاسي الوجعا
أفتديهِ زاحفاً للسطحِ قدْ *** ضَعُفَتْ كفَّاهُ مِمَّا جرَعا
تحتَ حرِّ الشمسِ وافى حتْفُهُ *** عجباً والضَّوءُ منهُ سطعا !
ورَّمَ السُّمُّ لهُ أعضاءَهُ *** ودمٌ منْ جِلْدِهِ قدْ نقَعا *
مِنْ على السطحِ رَمَوْهُ للثرى *** يا لَرُزءٍ للثُّريَّا زعزعا !
ظلَّ مُلْقىً كحُسينٍ جدِّهِ *** وثلاثاً نعشُهُ ما شُيِّعا
آهِ لكنْ لمْ يُبَضَّعْ جِسْمُهُ *** وعلى رأسِ القنا ما رُفِعا
لا ولمْ تنْظُرْ إليهِ أُختُهُ *** وخيولُ الكفرِ ترقَى الأضْلُعا
سَمعتْ صوتَ عظامٍ كُسرتْ *** ورأتْ ما القلبُ منهُ انخلعا :
ما كفاهُمْ سلبوهُ ثوْبَهُ *** سلبوا خاتمَهُ والإصبعا
*«كما في جنّات الخلود : تورّم جسده وكان يقطر جلده شبه الدم ، فلمّا قضى نحبه أمر المعتصم بأن يرموا جسده الشريف من أعلى السطح إلى الأرض ، ومنع الناس أن يحملوه ويشيّعوه ويدفنونه ويدنوا منه ، وبقي جسده ملقى على الأرض أياماً بلا غسل ولا كفن ولا دفن ، وكان يسطع منه رائحة المسك والعنبر ، فلمّا علم المعتصم ذلك خاف الفتنة وخشي الفضيحة أمر بدفنه.» نور الأبصار للشيخ المازندراني ٢٧٦